*الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*
—-----------------------------------------
رفعَ (اﻟﺤﻤﺪ)ابتداءً القراء المشهورُون بالضبط والثقة،لأن اﻟﺮﻓْﻊَ ﺃﺣْﺴَﻦُ ﻭﺃﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻟﺜﻨﺎءِ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﺰَّ ﻭﺟﻞَّ….وقال الزجاج :اﻟﺤﻤﺪُ ﺭﻓﻊ ﺑﺎﻻﺑﺘﺪاءِ، ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻟِﻠَّﻪِ) ﺇِﺧﺒﺎر ﻋَﻦِ اﻟْﺤﻤْﺪِ ﻭاﻻﺧﺘﻴﺎﺭُ ﻓﻲ اﻟﻜﻼَﻡِ اﻟﺮﻓْﻊُ، ﻓَﺄﻣَّﺎ اﻟﻘُﺮﺁﻥُ ﻓﻼ ﻳُﻘْﺮﺃ ﻓِﻴﻪ (اﻟﺤﻤﺪُ) ﺇِﻻ ﺑﺎﻟﺮﻓﻊ، ﻷﻥ اﻟﺴُّﻨﺔ ﺗﺘﺒﻊ ﻓِﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ.
واعلم أنَّ (الحمدُ لله) وإن ابتدأتَه ففيه معنى المنصوب، وهو بدل من اللفظ بقولك: أَحمَدُ الله.ومن العرب من يَنصب بالألف واللام، من ذلك قولك: الحمدَ لله، فينصبها عامَّةُ بنى تميم وناسٌ من العرب كثير، كما قال سيبويه.
ﻭﺃﻣﺎ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﺪﻭ ﻓﻤﻨﻬﻢ بالرفع في (اﻟﺤﻤﺪُ ﻟﻠﻪ). ﻭﻣﻨﻬﻢ بالنصب في (اﻟﺤﻤﺪَ ﻟﻠﻪ). ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﺼﺐ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ: اﻟﺤﻤﺪ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺳﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺼﺪﺭ،تقول : ﺃﺣﻤﺪُ اﻟﻠﻪَ، ﻓﺈﺫا صح ﻣﻜﺎﻥَ اﻟﻤﺼﺪﺭ ذكر الفعل، ﺟﺎﺯ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺼﺐ ،وﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﻮله سبحانه: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} ،يصح ﻣﻜﺎﻧَﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﻼﻡ ﺃﻥ تقول: ﻓﺎﺿﺮﺑﻮا اﻟﺮﻗﺎﺏ كما قال الفراء وقال ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ:{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} ، يصح ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﻼﻡ: ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ. ﻭﻣﻨﻪ ﻗﻮﻝ اﻟﻌﺮﺏ: ﺳﻘﻴﺎ
ﻟﻚ، ﻭﺭﻋﻴﺎً ﻟﻚ ﻳﺠﻮﺯ ﻣﻜﺎﻧﻪ:ﺳﻘﺎﻙ اﻟﻠﻪ، ﻭﺭﻋﺎﻙ اﻟﻠﻪ.
المختار:أن تكون المصادرُ مبتدأة وما أشبه المصادرَ من الأسماء
والصفات ِ،تقول : الحمدُ لله، والعَجَبُ لك، والوَيلُ لك، والتُّرابُ لك، والخَيْبةُ لك.، لأنَّ الابتداءَ إنَّما هو خَبَرٌ،وأَحسنْه إذا اجتمع نكرة ومعرفة أن يبتدئ بالأعرف؛ وهو أصل الكلام. وليس كلُّ حرف يُصْنَعُ به ذاك، كما أنّه ليس كلُّ حرفٍ يَدخل فيه الألفُ واللام من هذا الباب. لو قلت: السَّقْىُ لك والرَّعْىُ لك، لم يجز كما قال سيبويه
الشاهد في ما ينتصب فيه المصدرُ كان فيه الألفُ واللام أو لم يكن فيه على إضمارِ الفعل،- والرفع جائز -لأنه فى الإِخبارِ والاستفهامِ بدل من اللفظ بالفعل، كما (الحَذَرَ) بدل من احْذَرْ في الأمر فإذن تقول: ما أنت إلاّ سَيراً، وإلاَّ سَيراً سَيْراً، وما أنت إلاّ الضَّربَ الضربَ، وما أنت إلاّ قَتْلا قَتْلا، فكأَنه قال في هذا كلَّه: ما أنت إلاّ تَفْعَلُ فعلاً، وما أنت إلاّ تَفعَلُ الفعلَ، ولكنَّهم حذفوا الفعل لما ذكرتُ لك.وتقول: زيدٌ سيراً سيراً، وإن زيداً سيرا سيرا، وكذلك فى لَيْتَ ولَعَلَّ ولكنّ وكأَنّ وما أشبه ذلك، وكذلك إن قلت: أنت الدَّهرَ سَيْرا سَيْرا ، وكان عبدُ الله الدَّهرَ سَيْراً سيرا، وأنت مُذُ اليومِ سَيرا سيراً.
بقلم عبدالله ساني
0 تعليقات